مصر والاتجاه الى السلاح الشرقي بين الواقع واوهام الهواةتنتشر مؤخرا في بعض المنتديات العسكرية العربية نقاشات وحوارات حول توجه مصر او لنقل عودة مصر الى السلاح الشرقي وتحديدا الروسي مرة اخرى بعدما تخلت عنه وبدلت معسكرها عقب اتفاقية كامب ديفيد لما قام السادات بتسليم الصين سرب مقاتلات ميج-23 السوفياتية الاحدث انذاك مما اعتبر رسالة واضحة على نية قطعية لدى مصر بالتوجه الى الترسانة الغربية وتحديدا الامريكية كمصدر رئيسي للتسلح وبقي الوضع هكذا الى الان
لكن وبعد الاحداث الدامية الاخيرة والتعامل المتخلف للجيش المصري مع الاوضاع السياسية الداخلية وشنه انقلابا عسكريا محرجا للادارة الامريكية تازمت العلاقات وبدات تلوح في الافق عقوبات امريكية اقلها قطع المساعدات العسكرية السنوية واعتزام عدد من الدول الاوروبية وقف بيع السلاح لمصر وفي ظل مشاكل الميزانية المصرية وغلاء اسعار السلاح الامريكي ( تكلف طائرة الاباتشي الحديثة 60 مليونا بينما تكلف طائرة اف-16 70 مليونا ) فلا يوجد بديل في هذه الحالة عن ايجاد مصدر بديل ومعقول للتسلح وباختصار اما روسيا او الصين لكن ولاسباب تقنية يبقى السلاح الروسي هو الانسب لمصر التي يوجد في جوارها الجيش الاسرائيلي بكل تقدمه التقني والذي تتفوق صناعاته المحلية على بعض صناعات الدول الكبرى
دعم سعودي وقطرياعلنت كل من السعودية وقطر دعمهما لمصر في حالة نيتها اقتناء السلاح الروسي وذلك بتسديد قيمة هذه الاسلحة لصالح مصر وفي الواقع يرجع السبب الحقيقي لهذا العدم السخي المقترح في افشال التجربة الديمقراطية في مصر حيث ترى في نجاحها تهديدا مباشرا لانظمتها وعروشها
الموقف الروسيبلا شك سوف ترحب روسيا بعودة مصر الى اقتناء اسلحتها لاعتبارات ربحية تجارية بحت ولكنها في نفس الوقت لن تنسى ان مصر غدرت بها ذات يوم وارتمت في احضان المعسكر المعادي لها وباعت احدث منظوماتها الى اعدائها ويتعلق الامر هنا بتسليم الجيش المصري لعينات من منظومة سام-6 المضادة للطائرات الى الامريكيين مما سمح لهم بمعاينة بواحث الصواريخ وايجاد افضل الطرق للتشويش عليها وهذا ما انعكس في هزيمة كاسحة للدفاعات الجوية السورية روسية الصنع في معارك سهل البقاع ثم الانخفاض الكبير لفاعلية هذه المنظومة لدى الجيش العراقي اثناء حرب الخليج الثانية
بائعو الاوهام في المنتديات العسكريةلم يعد سرا على احد منذ فترة ان ضباط اجهزة الامن والاستخبارات يتغلغلون في المنتديات العسكرية العربية ويمارسون ادوارا مختلفة منها ادوار تقنية فنية بحتة في متابعة الاعضاء النشطين ومنها ادوار توجيهية تتخذ طابعا معنويا ونفسيا تهدف الى حرف اراء الاعضاء والقراء الى اتجاهات معينة مرغوبة ومن عجائب المفارقات ان تجد احدهم يطبل ويمدح السلاح الامريكي ليل نهار ويبالغ في قدراتها ويجتهد في الحط من قدرات الاسلحة الروسية ويصف مثلا طائرة الرابتور ان العالم لم يرى سوى 1% من قدراتها (وهنا يحق لنا التساؤل كيف عرف هو عن ال99% المتبقية ام انه مطلع على اسرار الامن القومي الامريكي ) ثم تجده ينقلب راسا على عقب ويكتب باسلوب ادبي (ولاحظ ان الاسلوب الادبي بما يحتويه من جمل انشائية غنية يعتبر بيئة خصبة للمغالطات واخفاء الثغرات والتلاعب بالعقول والمشاعر ) عن التوجه المصري الى السلاح الروسي وكيف ان روسيا هي المستفيد من شراء مصر لاسلحتها !
وطالما ان للمرونة وازدواجية المعايير حدود نجد معرفات اخرى مشبوهة تدخل وتصور للاعضاء والقراء احلاما وردية .. سو-35 واس-400 وصواريخ براهموس بمدى 500 كلم !
المفاوض الجيد لا يستخف بعقل الطرف الذي يتفاوض معهمن تكتيكات التفاوض نجد نوعين النوع الاول هو الذي يركز على نيل الفائدة الذاتية فقط والنوع الثاني يركز على ايجاد منافع مشتركة ومن الواضح ان روسيا ليست دولة مبتدئة او عديمة الخبرة لكي يتم خداعها بالقول لها انها هي المستفيد من شراء مصر لاسلحتها لان الواقع يقول ان الالتفات المصري للسلاح الروسي لم ياتي سوى بعد تازم العلاقات مع المعسكر الغربي مما يعني انه ينبع من حاجة مصرية ملحة لضمان الامن والدفاع لا من شفقة مصرية على الاقتصاد الروسي والصناعات الحربية الروسية !
الواقع هو الواقعمهما تعددت الاوهام والامال والمناورات فالواقع يبقى هو الواقع ودعني اخبرك بعض الاشياء عن الواقع :
يمنع دوليا بيع اية تقنيات صاروخية يجاوز مداها 300 كلم ايا تكن دفاعية او هجومية
هناك توازنات في العلاقات الدولية وقواعد غير مكتوبة متفق عليها فأمن اسرائيل خط احمر لدى الجميع واولهم روسيا التي رفضت ان تبيع لاهم حلفائها في الشرق الاوسط النظام السوري منظومات الصواريخ اس-300 رغم ان هذه المنظومات بدئت في الخروج من الخدمة في روسيا !
المصانع الحربية الروسية ليست ذات قدرات انتاجية غير محدودة واسلحة مثل السو-35 والاس-400 يوجد قائمة طويلة من الحلفاء الكبار والز.بائن الدائمين تصطف في طابور للحصول عليها (الصين-الهند-الجزائر-فنزويلا-فييتنام...) فهل تخسرهم روسيا من اجل سواد عيون مصر التي بمجرد انفراج العلاقات من المعسكر الغربي سوف تتنكر من جديد لروسيا
وخلاصة الكلام ان اية صفقة اسلحة مصرية روسية بتمويل اماراتي او سعودي لن تتعدى مقاتلات ميج-29 محسنة وبعض انظمة التور المحسنة للدفاع الجوي قصيرة المدى وربما وربما لا بطارية او بطاريتين من اول نسخ الاس-300 وبنادق كلاشنكوف حديثة وباقي الكلام الذي يروج في المنتديات مجرد اوهام يسوقها بائعو الاوهام المحترفون الذين يعتاشون من حرفة تنويم وتخذير الشعوب الى غاية اليوم الذي تحصل فيه الكارثة فتجدهم اختفوا جميعا لتبدأ مسرحية جديدة تنتهي باستعادة الوضع القديم وهكذا دواليك