تقارير جواسيس فرنسا في الجزائر
المخططات السرية الفرنسية لغزو الجزائر
عام 1664 ، عام 1802،عام 1808،عام1809 .
واحد من جواسيس الفرنسيين في الجزائر انجز تقريرا جاء فيه " سنة 1621 كان تعداد سكان مدينة الجزائر حوالي مأتي ألف نسمة، تم وضع قائمة دقيقة بكل العائلات التي تقطن مدينة الجزائر والتي عددها على النحو التالي" العائلات التركية ثلاثين ألف وعائلات السكان الأصليين سبعة وتسعون ألف وعدد عائلات اليهود عشرة آلاف. بالإضافة إلى ما بين ثمانية عشر أو عشرون ألف عبد فهدا التعداد كان قد أنجز بسبب الوباء، لاتخاذ الإجراءات المطلوبة ومن هدا الوباء مات ما بين خمسين إلى ستين ألف شخص.
ففي هدا العدد المذكور أعلاه، يمكن أن يوجد عشرون ألف شخص قادرين على حمل السلاح بمن فيهم عشرة ألاف من الانكشارية من دوي الرواتب ،كما يدخل في هدا العدد أيضا خمسة ألاف زواوي وهم عساكر من السكان الأصليين من أصحاب الرواتب هم أيضا، وفيه أيضا الكلوغية وهي تسمية تطلق على أبناء الانكشارية والدين عددهم خمسة ألاف، ويتقاضون مرتباتهم كذلك بحكم مولدهم ، ومنهم من يعتبر أن عدد الإنكشارية هو خمسة عشرة ألف غير الخمسة ألاف من الكلوغية .ولكن في الحقيقة إن عدد الإنكشارية القادرين على حمل السلاح هم نحو عشرة ألاف ،وهم ليسو كلهم قادرين على الخدمة وعلى القتال لوجود عدد كبير من الشيوخ بينهم .
وفي بعض أوقات السنة يخرج من هده المدينة ،ما بين تسعة إلى عشرة آلاف عسكري انكشاري، وغيرهم موزعين على مختلف العمارات وأساسا على السفن التي يسلحونها، والتي يصل عددها حتى المائة سفينة ويبحر فيها دائما وفي جميع الظروف حوالي ستة آلاف جندي، كما يقومون بجرد ثلاثة معسكرات (حملات) وهكذا يسمونها والتي يرسلونها إلى بلادهم .
لاستخلاص الضرائب ،التي يدفعها السكان العرب إلى السيد العظيم وهي تتجه إلى النواحي التالية "فإلى ناحية قسنطينة يرسلون ما بين ثماني رجل,و إلى ناحية تلمسان نفس العدد أو أكثر والى ناحية أراضي يسر وابن عباس يرسلون عادة ألف وخمس مائة رجل . يخرج من المدينة في هده المعسكرات (حملات) كل سنة حوالي ثلاثة ألاف وثلاثمائة رجل، التي تضاف إلى ستة ألاف جندي الموجودين على السفن، فيصبح العدد تسعة آلاف وثلاث مائة من عشرين ألف، فيبقى حوالي عشرة آلاف عسكري لحراسة المدينة.
وزيادة على دلك ففي الماضي كانوا لا يسلحون سوى ثلاثة أجفان وبريحنتان واحد ، أما اليوم فإنهم يسلحون منها حتى سبعة أجفان، والتي يبحر على كل واحد منها حوالي ثلاث مائة رجل من الانكشاريين الترك والمرتدين، ومجموعهم ألفين ومائة من أحسن الجنود ، و هو العدد الذي يجب طرحه من عشرين ألف ولن يبقى لحراسة المدينة سوى ثمانية آلاف. "
وفي سنة 1664 انجز جاسوس فرنسي اخر تقريرا جاء فيه " استجابة لرغبة سيدي كولبير وتنفيذا للأمر الذي أصدره لي من طرف جلالته ، لتحرير مذكرة حول الأشياء التي لاحظتها ولمدة خمسة وعشرون سنة من إقامتي بين الأتراك(المسلمين ) ، سواء فيما يتعلق الأمر بالدولة أو بمدينة الجزائر أو التي تتعلق بالمدن الأخرى التابعة لها ، أولا إن مدينة الجزائر التي هي أهم وأشهر مدينة بين المدن الواقعة على الساحل الإفريقي تقع على ربوة وامتدادها حتى على شاطئ البحر ،وتتكون من حوالي أربع ألاف موقد وما بين 25و30 ألف ساكن على أكثر تقدير في الوقت الحاضر، لقد أودى وباء الطاعون بحياة ما يزيد عن مأتي ألف شخص في السنة الماضية وبعدد اكبر في المناطق المحيطة بالمدينة إلى درجة إن أصبحت البلاد شبه مقفرة.
في عدد الثلاثين ألف ساكن ،يندرج الستة ألاف تركي جنود الراتب ،الدين يعتبرون القوة الرئيسية لهده المدينة ولكل المملكة، كما يوجد حوالي مائتي يهودي الدين أصبحوا محمديين (أي اعتنقوا الإسلام) ويعملون مدفعيين ، وأكثر من مائتي من المور (سكان البلاد الأصليين ) و الدين يدعون بالزواوة ويتقاضون الراتب من الأتراك لاستخدامهم عند الحاجة سواء في المدينة أو في الريف، ومائتي من المور الآخرين الدين يدعون بالرجابيس وهم يشتغلون في صنع فوهات المدافع .والباقي يتكون من التجار والحرفيين من بينهم حوالي الثلث ممن هم قادرين على حمل السلاح لكن مع خبرة جد ضئيلة، دلك أنهم ليسو مروضين ولا مدربين على فنون الحرب شانهم في دلك شان الأتراك.
وهدا الشيء يلاحظ يوميا من السفن التي تفتك منهم، حيث يوجد عليها عدد من المور يفوق بكثير عدد الأتراك و معظمهم من الفقراء والبؤساء، الدين لا يملكون أسلحة للدفاع عن أنفسهم فحسب وإنما تعوزهم حتى الألبسة كذلك .
ومن ستة آلف تركي ،هؤلاء يرسل كل سنة مائتين إلى بجاية في شكل حامية، وعشرين إلى جيجرى (جيجل) وهي مدينة بحرية محصنة والدين يتغيرون كل سنة ، كما يرسلون عشرون إلى المكان الذي يدعى القل وهو أيضا موقع بحري . فيرسل إلى بونة مائتي (مائة في الشتاء ومائة في الصيف ) والى قسنطينة مائة وتبسة أربعون والى سينام القالة عشرون وتيسيف ثمانون، زمورة عشرون والمسيلة عشرون و عشرون.
الى الناحية الغربية من الجزائر ،يرسل كذلك الى مستغانم مائتي تركي, فيرسل مائة إلى مملكة تريمسان(تلمسان)، إلى جانب ثلاث مائة جندي أخر من ذوي الأصل التركي ومن مواليد البلاد (الكلوغى) والدين لا يستبدلون أبدا .
ومن عدد ستة ألف هدا ، يوجد ألف ومائتي جندي من الفرسان ومهمتهم هي استخلاص الضرائب من السكان وعلى دلك ،فلا يبقى في المدينة سوى ألفين وخمس مائة جندي طوال مدة الصيف. ويتضاعف عددهم عندما تعود المحلات وبهم يتم تجهيز السفن للغزو .
ومحيط مدينة الجزائر هده هو في حدود نصف فرسخ أو ثلاثة أرباع الفرسخ ،ومحاط بسور عادية فليس هناك أي حصن به ولكن تتخلله عشرة أبراج صغيرة مربعة ،من بينها أربعة أبراج يمكن لكل واحد منها إيواء أربعة مدافع .
ولها (مدينة الجزائر ) خمسة أبواب اثنين منها في اتجاه البحر ،وثلاثة في اتجاه البر فواحدة منها تقع في الشرق وتسمى بباب عزون، والثانية بباب الجديد ،والثالثة بباب الواد في اتجاه الغرب .
ويحتمل وجود مائة قطعة مدفع في حالة تأهب في كامل المدينة ،موزعة على الأسوار وفي الميناء وفي مرابض مخصصة، كما توجد أربع حصون منفصلة عن المدينة من بينها واحد على بعد نصف مرمى المدفع والأخرى على مرمى البندقية أو أكثر، فهي مصوبة كلها في اتجاه الأرض كما لا يحيط بها أي خندق، كما يوجد حصن آخر في مقر البحرية متجه صوب البحر الذي بني حديثا ، فليس له مشارف ولكنه محاط بسور عادية سمكها عشرة أقدام و نصف وبه ستة مدافع مصوبة نحوى البحر، والكل في حالة فوضى كبيرة كما يوجد في مخازنهم كمية لاباس بها من البارود والرصاص ولكن ليس عندهم محارق ولا قنابل .
وطريقتهم في الحرب غير منظمة وبعيدة عما هي عليه في أوروبا ، فهم لا يراعون أي تشكيل بالنسبة للفرسان ولا أي ترتيب بالنسبة للكتائب، ولكنهم ينتظمون تحت لواء أو راية كما اتفق ويقاتلون بنفس الطريقة .ويلاحظ انه ليس لديهم أي معسكر للتدريب في المدينة ،كما أنهم لا يعتنون لا بالطاعة ولا بالانضباط لدى الجنود كما أنهم لا يدربونهم وهو ما يدفع على الاعتقاد بكونه ففيما عدا الشجاعة التي لا تنقصهم، فليس هناك امة من السهل التغلب عليها من طرف امة مثل فرنسا التي لها درية تامة بفن الحرب . وبما أن كل قوات المملكة تنحصر في مدينة الجزائر فقط فان احتلالها سيضع بين أيدي الملك مساحة من البلد ،تمتد على مائتي فرسخ التي هي تحت سلطة هده المدينة، والتي لا توجد سلطة غيرها سواء على الساحل أو في الداخل التي تستطيع الدفاع عن نفسها أو القيام بأي حماية بدون دعم ومساعدة مدينة الجزائر هده، والتي هي بدورها ليست مؤهلة لشن مقاومة شديدة حسب الملاحظات المدونة أعلاه.
كل البلاد الخاضعة للجزائر تتوفر على كميات هائلة من القمح والعنب والرز والجلود والحرير الناعم وعلى كميات هائلة من الزيت والمواشي من ذات الصوف وذات الشعر ،كما انه لا يمكن تنظيم مبادلات والسود الدين يقطنون في ليبيا حيث إن أهل الجزائر لهم مركزين تجاريين ،وهما تقرت وتور قولا(ورقلة ) وعن طريقها تصل كميات كبيرة من التبر والتمر وريش النعام وصوف الغنم والخيول ،التي يستبدلونها بالقمح والشعير، ويدفعون (الأفارقة) الضرائب لمدينة الجزائر للحصول على رخصة الاتجار والتعامل مع السكان التابعين لهده المدينة ..."
كاتب التقرير اكد أن مشروع غزو الجزائر من السهل تحقيقه ،مبينا إلى جانب الفوائد الكثيرة التي يمثلها فانه سيضع تحت يد فرنسا مراسي مأمونة في البحر الأبيض المتوسط... كما سيوفر الحصول على الخشب الذي هو من أجود أنواع الخشب في العالم، لبناء السفن كما سيوفر لملك فرنسا لاحتلال ممالك عديدة كبيرة وجميلة .
بتاريخ 18 اوت 1802 كتب الفرنسي تيدينا وهو محافظ للعلاقات التجارية في سافون تقريرا حول الجزائر جاء فيه " لقد اتخذت هده الايالة مند بضعة أشهر موقفا من شانه إزعاج التجارة بوجه عام، وفتح أعين الدول البحرية كلا وروبية أخيرا . ففي الوقت الراهن ، فان المتوسط معفن بإحدى عشرة سفينة من أسلحتها ، هي فرقاطنيتين واحد منها ذات 46 مدفعا والأخرى ذات 36 مدفعا ، وستة شباك واثنين بولاكر وبريك واحد فهي لا تحترم آية راية . لقد وقعت ضحية لها عدة مراكب تابعة لمختلف الأمم لحد الآن. وأهمها قيمة فرقاطة برتغالية ذات 44 مدفعا و350 رجلا من طاقمها ، إن القائم على تسيير شؤون الجزائر (يقصد الداي ) هو في حالة هيجان اد هو يعتقد بكونه في مستوى، بتوقيفه لعدد من المراكب الفرنسية وإظهاره لادعاءات حمقاء.
إن كراهية سكان البلاد البربرية ، للأوروبيين بوجه عام , وكرصنتهم وقسوتهم وانعدام الإنسانية لديهم هي على أشدها . لقد حان الوقت لأوروبا وهي سيدة العالم أن لا تبقي أسيرة على أبوابها ، وهدا العمل العادل الذي تطالب به الإنسانية بصوت عال هو عمل مدخر للبطل الذي منح السلم للأمم وحدد والى الأبد المكانة المرموقة لفرنسا. أن قسوة سكان البلاد البربرية هي قوة زائفة وظرفية، وسأثبت دلك لكم بالكلام عن الجزائر التي هي أقواها .
إن إقامتي لمدة خمس سنوات (في حالة اسر) في هاته البلاد و رحلاتي المتعددة على السواحل ،وفي داخل البلاد ودراستي للغة العربية قد مكنني من معرفة النواحي والنظام الحكومي وقوة البلاد وعادات سكانها .
إن القائم على شؤون البلاد أو الداي ينتخب رئيسا من طرف الديوان المكون من 80 عضوا وهدا الديوان هو مجلسه ولكن ليست سلطته إلا عند الانتخابات ... وأقاليمه مقسمة إلى أربعة مقاطعات يحكمها البايات، وهم يعينون في مناصبهم لمد الحياة ولكن حياتهم هي رهن في يد القائم على أمور البلاد , كل مقاطعة مقسمة إلى نواحي وكل ناحية على رأسها حاكم وكل مجموعة من السكان (قبيلة) يحكمها قائد.
والبلاد رغم دلك تنتج كثيرا من القمح والصوف و الجلود والعسل والشمع والكر موس ، كما تتوفر على مراعي هائلة وتنتج المواشي ذات القرن وذات الصوف وكذلك الدواب من كل نوع ... خاصة الجياد الرائعة.
ونستطيع القول أن لا يوجد أي شيء لديهم ينبئ عن وجود حالة لتمدن ما ،فهم لا يعرفون المطبعة والفنون الميكانيكية ،والمهن الحرة يقوم بها اليهود ولا يوجد عربي واحد يهتم بها فهم يمضون وقتهم في التدخين وتعاطي الكحول والمخدرات وركوب الخيل أو إبقاء في سراياهم في حالة كسل وفراغ. والأصليين هم أهل البلاد مغرمين بالخيول وعلى دلك فهم لا يخدمون، إلا في سلاح الخيالة أما المشاة فهي مكونة كلها من الأتراك.
لقد أصبحت هده الدولة ذات باس شديد بفضل مساعدة الأوروبيين الدين يزودونهم بالوسائل لكي تحاربهم ودلك مند حوالي قرنيين ، بالفعل فان كل الدول الأوروبية تقريبا أصبحت من تلقاء نفسها مدانة بدفع الجزية للجزائر ،فواحدة تزودها بالسفن والأخرى بالمدافع وهده بالقذائف والبارود ،وكلها تقريبا بالمال والسلع والأشياء الثمينة الأخرى.
لا نستطيع أن ننكر أن الجزائر تشكل قلعة حصينة ،بسكانها الدين يتجاوز عددهم مائة ألف نسمة أولا ، ثم بحصونها بعد دلك وبطارياتها المزروعة بالمدافع ، وعلى دلك فلا يجوز تصور إمكانية مهاجمتها من جهة البحر.
ففي عام 1775 نزل الأسبان بقوات مكونة من عشرين ألف من المشاة وألفين من الفرسان ، وكانت خطة الهجوم قد أعدت إعداد جيدا ولكن التنفيذ كان سيئا بسبب الخلاف الذي دب بين اورللى قائد القوات البرية وكاستيقان أميرال الأسطول . وفي عام 1783_1784 هاجم الأسبان من جديد من جهة البحر ولكن بعد أن استهلكوا كمية كبيرة من الذخيرة انسحبوا بدون ان يتمكنوا من أخدها أو تخريبها .
ولكي تكلل حملة ضد الجزائر بالنجاح ،يجب حشد ما بين ثلاثين إلى خمسة وثلاثين ألف رجل من خيرات القوات من مدفعه، في نسب ملائمة فشواطئ تنس بمعنى ساحل غرب الجزائر يبدو لي أفضل موقع لمكان الإنزال ... فالجزائريون لم يستعملوا أبدا مدفعية الميدان ، وادا كانت الاعتبارات السياسية لا تسمح بالقضاء على هده الحكومة، فانه يستلزم إجبار حاكم البلاد على تسليم كل الذهب الذي تحت حوزته وتجريده من كل سفنه الحربية وإلزامه بعدم تملكها أبدا للقيام بالقرصنة وإجباره كذلك على تحويل أقاليمه إلى دولة متمدنة ومشتغلة بالتجارة .
وان اقل مكسب نحصل عليه (بالهجوم على الجزائر ) واكرر دلك ،هو الاستيلاء على الملايير التي جمعها الحكام والتي يحتفظون بها ،فلا يمكن لهم تهريبها عن طريق البحر لان الميناء سيكون محاصرا كما انه لا يستطيع حملها معه ( الداي) عن طريق البر دلك انه ، فإلى جانب كون الجيش الفرنسي سيقطع عليه كل اتصال مع الداخل فانه سوف لن يغامر بالإلقاء بنفسه في هدا الطريق بسبب انعدام الأمن ، وعلى دلك فان أية هزيمة تلحق بالجيش التركي تكفي لتجعل سكان البلاد يجردون السلاح ضده
( الداي) و يصبح بدون حماية ولا قوات في وسطهم.
الجاسوس بوتان أنجز هو الأخر تقريرا عن الجزائر جاء في بعض مقتطفاته " من استطلاع المدن والحصون وبطاريات مدينة الجزائر و نواحيها الذي أنجز بمقتضى أوامر وتعليمات صاحب السعادة سيدي ديكري وزير البحرية والمستعمرات والمؤرخة في 1 و2 من شهر مارس 1808، لاعتماده كمشروع لإعداد حملة وتوجيهها ضد هاته البلاد والاستقرار نهائيا في هاته البلاد .
كل العناصر التي يتم تناولها لإعداد المشروع المذكور ،هناك عنصرين أساسيين وهما مكان الإنزال والمقاومة التي يتحتم التغلب عليها بعد دلك ،أن العنصر الأول يجد خلاله في الدراسة المفصلة لطبيعة الأرض ، والثاني سيتضح بوصف الحصون وتقرير قوات الداي . سنشرع ادن في الكلام أولا عن الأرض ثم عن الحصون والبطاريات ثم نتناول بعد دلك مختلف المسائل، وبعد أن استعرض الأماكن القابلة للإنزال في شرق مدينة الجزائر وتبيين معايبها أردف مؤكدا . لم يبق ادن سوى الرقعة الواقعة بين رأس فاكسين وسيدي فرج وما تحتها ،فهنا بالفعل المكان اللائق لدلك ، فالشاطىء في هده الرقعة رملي وفي كل هدا الجزء لا توجد لا بطارية ولا حصن ما عدا البرج الوحيد عند سيدي فرج ،والدي لا يستحق أن يوضع في الاعتبار . فهو مربع الشكل ودو ارتفاع ما بين 15 إلى 20 مترا على أكثر تقدير ، وعرض جنباته ما بين ثلاثة إلى خمسة أمتار وبه مدفع واحد صغير في حالة سيئة،فهو برج قديم لن يستطيع الصمود أمام قصف مدفعي حتى ولو كان خفيفا .
وترتيبات الهجوم العامة الأخرى تتمثل في إرسال مفرزة من القوات أمام كمدينة وهران ،والعمل على أن يكون باي قسنطينة في حالة حرب مع باي تونس، وقيام بحريتنا أثناء عملية الإنزال عند سيدي برج ، في حالة توفر سفن كافية ، باستعراضات متحرشة أمام مرسي وميناء مدينة الجزائر لأجل تثبيت الجزائريين عند بطارياتهم وهو شيء يعجبهم كثيرا ، فقوات الداي تتكون من المشاة الأتراك... بمعنى أولئك الدين قدموا مباشرة من الشرق وكذلك من الكلوغية أبناء الجنود الأتراك الدين رخص لهم بالزواج في الجزائر، ومن عدد قليل من الزواوة . وجميعهم يمكن أن يصل عددهم إلى خمسة عشرة ألفا ، أي عشرة ألف تركي وخمسة ألاف كلوغلي ... ومن هدا العدد تتشكل حاميات مختلف المدن في البلاد ،ولن يبقى في مدينة الجزائر أكثر من عشرة ألاف جندي ففي الحملة ضد تونس تم تعبئة ثمانية ألاف جندي ولم يبقى سوى عدد قليل من القوات في مدينة الجزائر وكل الناس لاحظت دلك ."
وبعد أن أشار لحملة الاسبانية ضد الجزائر خلال عام 1775 وفشلها أضاف " الجزائريين قد قاموا في دلك الوقت حسب قولهم ، بتعبئة 80 ألف جندي لكن الميل إلى المبالغة الذي يتصف بها هؤلاء الناس يسمح بتخفيض هدا العدد بدون الخوف من الغلط إلى 60 ألف ، وهو أقصى ما يمكن أن يجمعه الداي من القوات في حالة كون الظروف جد مواتية بالنسبة له .. بصفة عامة فإنها (الجزائر) لا تصدر أي شيء من المتوجات المصنوعة ماعدا بعض السلع الترفيهية ،كالمحافظ وماء الورد و المناديل الحريرية التي يستعملها نساء البلاد كمحازم يتمطقن بها . وتصنع الزرابي في القالة، كما تصنع في مدينة الجزائر محازم ومناديل التي تكلمنا عنها وكذلك كمية قليلة من الملاءات الخشنة ،وتصنع في الجبال الأغطية والمعاطف (البرانس)، وتصدر على الخصوص القمح ، الشعير ،الحنطة ،القمح الصلب، الدرة، والرز، وهو من النوع الرديء ، الشمع والعسل وزيت الزيتون والبرتقال والليمون و الكرموس وقليل من التمر، كما تصدر العنب والجلود والصوف واللوز. ومن الحيوانات الأبقار والأغنام والخيول وغيرها، وفي السنوات الجيدة تصل مشتريات الشركة الإفريقية في ميناء بونة وحده إلى ثمانمائة ألف كيلة وستة عشر ألف قنطار من الصوف ، الواردات تستقبل بعض السلع من أزمير ودمشق ومن مصر وتستقبل من أوروبا وخاصة من فرنسا ، الأقمشة والكتان الهندي الرفيع والأواني المعدنية المنزلية والحديد والصلب والألمنيوم والرصاص والقصدير ،وكذلك أدوات الحرف الرئيسية والأقمشة الحريرية والمناديل الحريرية .أما التجهيزات البحرية والذخائر الحربية فتاتيها على الخصوص من البلدان الشمالية ."
خلال عام 1809 اعد ديبوا تانفيل القنصل الفرنسي في الجزائر تقريرا اخر حول توفر أسباب النجاح للحملة العسكرية المزمع إرسالها ضد الجزائر،أهم ما جاء في هدا التقرير ان تانفيل يوصي "بوجوب العمل لكسب المرابطين الدين هم يتمتعون باحترام كبير من طرف السكان، و ينقادون لهم انقيادا تاما لقد تعرفت على عدد منهم من الدين يسكنون الجبال ، سواء من الناحية الشرقية أو الغربية والدين يقومون في بعض الأحيان بزيارتي وأقدم لهم بعض الهدايا البسيطة ،وهم متفقون على التأكيد لي بان الإمبراطور (نابليون) يتمتع بتقدير كبيير في جبالهم . وقبل سفري من الجزائر بأربعة أو خمسة أشهر قام احد منهم بالمرور وقضاء الليلة عندي ومن بين الأشياء التي قالها، والتي بعض منها اغرب من بعض وبحضور السيد فيريي كاتب القنصلة، والدي هو صديقه مند ثلاثين سنة ،هده النبوءة والتي مفادها أن الباشا الذي يحكم الآن سوف يلقى نفس المصير الذي لقيه سلفه ، وسيخلف عليا هدا علي آخر والدي سيكون آخر داي للجزائر ، اد عند دلك سيظهر أمير أوروبي في هدا الإيقاع على رأس جيش كبير والله يوفق مسعاه .
انه لمن الغريب أن جزءا من هده النبؤة قد تحقق فعلا ، فعلى قد خنق بعد شهور قليلة وخلفه الحاج علي . إنني أتوسل إلى الله أن يحقق بقية النبؤة شيخي المرابط في اقرب الآجال ،فالأرض والسماء تطالب مند قرون بالثار من اللصوص الدين هم على أبواب أوروبا، والدين يقومون بالتحرش ضد أقوى الأمم ، فصعوبات استعمار إفريقيا ليست هي بالحجم الذي تتصوره بعض العقول الضعيفة
المصـــــدر