الخارطة الجيوسياسية للقوى العالمية
خلاصة التأكيد على ولادة الإمبراطورية الوطنية كقوة عظمى عالمية قادرة على لعب دور عالمي جيوسياسي أو جيواستراتيجي شبيه بالولايات المتحدة الاميركية وروسيا، وهذا فقط في حال استمرار الوضع الاقتصادي والعسكري المتنامي إيجابيًا وتراجع دور الامبراطورية الأمريكية العالمي، وعدم ظهور أي تحولات ومتغيرات إقليمية أو عالمية سلبية تحول دون ذلك خلال الفترة القادمة بنفس ثبات المعطيات والشروط سالفة الذكر، مع الأخذ في الاعتبار بأن القرن 21 سيكون قرنًا متعدد الأقطاب والقوى العالمية الفضفاضة، وبالتالي صعوبة امتلاك قوة بعينها دفة الهيمنة العالمية.
ورغم أن القوة العسكرية تبدو مخيفة بصفة عامة، نظرا لعدة عوامل أهمها بالطبع القوة البشرية ، إلا أن مسألة الأعداد قد فقدت الكثير من تأثيراتها في ظل تطور نظم التسليح الحديثة، والاعتماد على التكنولوجيا العسكرية أكثر منها على القوة البشرية، حتى نصبح"قوة عالمية" ضرورة تحقيق الشروط والمعطيات التالية:
(1) امتلاك الاتساع الجيواستراتيجي الكافي لتخطي حدود الدولة الإقليمية، وذلك من خلال تواجدها وحضورها في مختلف أرجاء العالم سواء كان بالتواجد، أو القوة الناعمة أو الصلبة المباشرة أو غير المباشرة، حيث لا يجب أن يقتصر نفوذها الخارجي فقط على القطاعات الاقتصادية، بل ينبغي أن يتضمن أيضاً وجوداً عسكرياً ملموساً يؤثر في الأحداث والتطورات السياسية الجارية.
(2) امتلاك القوة الناعمة المناسبة للهيمنة العابرة للقارات كما هو اليوم مع الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال لا الحصر، وقد نجحت بالفعل من الناحية الاقتصادية ولكنها لازال حضورها الثقافي أو التعليمي أو الدبلوماسي على سبيل المثال لا الحصر، أو غيرها من وسائل القوة الناعمة ضعيف جدًا على رقعة الشطرنج الدولية.
(3) امتلاك لما يسمى بالقدرة العسكرية اللوجيستية العابرة للقارات، والتي تؤهل للمحافظة أو حتى الدفاع عن مصالح خارج نطاق المحيط الإقليمي الجغرافي كامتلاك الأقمار العسكرية المتطورة، وطائرات التزود بالوقود في الجو، وحاملات الطائرات، وامتلاكها للغواصات النووية والاستراتيجية القادرة على احتواء أو مواجهة أبسط الأخطار الموجهة لسيادتها تحت الماء، وطائرات الإنذار المبكر، وبالطبع فإنه من الضرورة أن تمتلك أكثر من قطعة عسكرية واحدة من كل ما سبق ذكره.