ثلاثة عوامل ساهمت في اندلاع الصراع: انعدام اتفاقية ترسم الحدود بين البلدين بدقة، اكتشاف موارد معتبرة في المنطقة المتنازع عليها و الحماس المغربي المؤيد لإعادة بناء المغرب الكبير.
قبل أن تقوم فرنسا باحتلال المنطقة ابتدءا من القرن التاسع عشر، كان جزء من الأراضي الجزائرية الحالية، في الجنوب و الغرب مغربية، و لم يكن هناك أي رسم للحدود مقنن باتفاقية، ففي معاهدة للا مغنية 18 مارس 1845، التي تثبت الحدود بين الجزائر الفرنسية و المغرب، تنص الاتفاقية على"منطقة جافة بدون منابع مائية و غير مأهولة و تحديدها مبهم" أما ما تم رسمه لا يمثل سوى 165 كلم
[1]. ما عداه لا يوجد أي منطقة حدودية، بدون رسم دقيق ، تعبره مناطق قبلية تابعة للمغرب أو الجزائر.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الحدود بين الحزائر و المغرب في 1963
بعد احتلال المغرب في 1912، قررت الإدارة الفرنسية تثبيت الحدود بين بين البلدين ، لكن هذه اتبعت تحديدا سيئا (خط فارنييه 1912 و خط ترنكي 1938) يختلف من خارطة لأخرى
[2]. بما أنه في نظر الإدارة الفرنسية ليس ذلك بحدود فعلية و المنطقة أصلا غير مأهولة أي لا تمثل أي أهمية ما
[3]،ان اكتشاف حقول معتبرة من البترول و مناجم الحديد و المنغنيز في المنطقة جعل فرنسا تقرر تدقيق رسم الحدود في 1952 و إدخال كل من تندوف و كولومب بشار ضمن المقاطعات الفرنسية للجزائر.
باستقلال المغرب في 1956 بدأت مطالبات استرجاع السيادة على هذه المناطق، بالإضافة للأراضي التي كانت تابعة للمغرب التاريخي،و كي تضع فرنسا حدا لدعم المغرب للمقاومة الجزائرية جبهة التحرير الوطني الجزائرية، عرضت فرنسا على المغرب استعادت بسط سيطرته على المناطق التي يطالب بها شريطة أن تأسس (المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية) المكلفة باستغلال الموارد المنجمية المكتشفة حديثا في الصحراء
[4]، بالإضافة لمنع الثوار من استعمال الأراضي المغربية كقاعدة خلفية ، أعتبر ملك المغرب محمد الخامس هذه الاقتراحات " كطعنة خنجر في ظهر الإخوة الجزائريين"
[5] و توصل بصفة منفصلة في 6 جويلية 1961 لاتفاق مع رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة فرحات عباس ، بالتفاوض مجددا حول كولومب بشار و تندوف بعد الاستقلال . لكن بعد استقلال الجزائر و تنازل فرحات عباس الحكم لأحمد بن بلة المدعوم من طرف جيش التحرير الوطنى، من بين أهداف حرب التحرير كان منع فرنسا من تقسيم الجزائر و الحفاظ على الوحدة الوطنية و خصوصا منعها من فصل مناطق الصحراء عن باقي الجزائر.كان بن بلة و جيش التحرير الوطني متحيزين لفكرة رفض كل تفاوض حول التنازل عن أي أرض "حررت بدماء الشهداء"
[6] للمغرب،
و بعد الاستقلال رفضوا الاعتراف بأي مطالب للمغرب حول الحقوق التاريخية و السياسية للمغرب. فهم يرون في المطالب المغربية تدخل و ظغوط في وقت خرجت الجزائر مرهقة من سبع سنوات حرب ، كما كانت الحكومة الجزائرية آنذاك لم تتربع على حكمهاو بحزم لكامل المناطق الجزائرية المختلفة، خصوصا الانتفاضة المعادية لجبهة التحرير الوطنية التي قادها حسين آيت أحمد، و التي تطورت في القبائل، أيضا المطالب الاشتراكية لجبهة التحرير الوطنية و التي لاقت تأييدا في المغرب بفضل المهدي بن بركة الذي طالب الملك بإصلاحات فلاحيه، وواجه ثورة عمالية و التضامن المناهض للامبريالية بالثورة الجزائرية
[7]، هذا الأخير اضطر لمغادرة المغرب من جراء "محاولة انقلاب جويلية" ضد الملك في خضمه فرقة من حزب المهدي بن بركة كانت مسؤولية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]خارطة المغرب الكبير لحزب الاستقلال
أما حزب الاستقلال فقد عبر عن رفضه "التهكم" الجزائري ، و في مارس 1963 ينشر خارطة "للمغرب الكبير" في يومية العالم. الخارطة تضم ثلث الجزائر حتى عين صالح و الصحراء الغربية و موريتانيا و قسم من المالي.
[8] الضغط يرتفع بين البلدين قليلا فقليلا، و لا شيء ينبئ بان أحد الطرفين سيتراجع عن موقفه. في 1962 عرفت تندوف مناوشات لبعض السكان "كنبو في أوراق الانتخاب نعم للاستقلال لكننا مغاربة"
[9]. بعد وقت من استقلال الجزائر حاولت القوات المغربية احتلال تندوف لكنها تراجعت حيت اكتشفت أن الجيش الجزائري يسيطر علي المدينة
[10].
استقرت قليلا في منطقة بشار
[11] أثناء صيف 1963 ثم أن البلدين بدءا في تعزيز وجودهما على طول الحدود و الصحافة بدأت تنشر التجاوزات، الجزائريون يمنعون مغاربة فكيق من التوجه لواحاتهم في القسم الجزائري، بينما في تندوف و بشار يسجل السكان أنفسهم للحصول على الجنسية الجزائرية.
[12] عمال مغاربة يعملون في الجزائر يطردون و كذلك تجار جزائريون في وجدة ، حتى شهر سبتمبر المناوشات العسكرية ضلت تنسب لعناصر" معزولة"
[13]